تواصل معنا عبر الفيسبوك | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
عِطرٌ وذكرى
بقلم:زهير دعيم
( ألقيت اليوم السّبت في الاحتفال بتدشين المدرسة الثّانوية الشّاملة على اسم الشّاعر المرحوم : جورج نجيب خليل )
كثيرًا ما " تعنُّ عَ البال " تلك الليالي الجميلة والعابقة بفوْح الشِّعْر والأدب والكلمة المُلوّنة ، التي قضيناها معك استاذنا الجميل طيّب الذّكر المرحوم جورج نجيب خليل ؛ قضيناها أنا وشاب جميل آخَر يُدعى سمير الحاج وكان يومها كما الزّهرة التوّاقة الى الانفلات من الكُمّ، يتعشّق معي ويذوب حُبًّا بمطالعة الشعر والقصّة والخاطرة ، نطالعها مرّة ونخطّها أخرى ، فنميل الى جبران ونعيمة والاخطل الصغير ومارون عبّود وشوقي والكثيرين نشرب من الينابيع أطيب الرّاح..وللتاريخ اقول فقد اضحى تلميذك الآخَر شاعرنا الساكن الامجاد ، اضحى سمير الحاج دكتورًا في الادب يشار اليه بالبنان.
كنّا شاعرنا الجميل جورج – والتاريخ يشهد- كنا بين ظهرانيكم نُمتّع العيون والآذان ، تارة برؤية مكتبتك الجميلة والكبيرة والفريدة والحاوية من كلّ صنف ونوع من الأدب قديمه وحديثه، وطورًا نُشنِّف الآذان بقصيدة جميلة خطّها قلمك العاشق على خدّ وُريقة قبعت مع اخواتها على " اسكملة" ترفل بالقصائد وتغرق بالحروف والاحاسيس؛ قصيدة ما زال حبرها طريًّا !!!
وينتصف الليل أو يكاد ، ونرتشف القهوة فنجالًا تلو الآخر يتلوها فنجان من الشّاي نرشفه على مهل مع كعكة بيتية لذيذة تقدّمها زوجتك طيّبةُ الذِّكر أم الأنور
نعم ينتصف الليل ولا ينتهي الحديث المشوّق ، وكيف ينتهي ونحن معك نضفر شالات ورد وقلائد مجد وعزّ وقصصًا تحاكي الخلود والارواح ، تتسربل حروفها بألوان قوس قزح ؟!!!
ما أحيلاها تلك الليالي ! حتى بعد مرور العقود من الزّمن ، فما زالت تكوكب في ذاكرتي ؛ تتوهّج ، تشعّ ألقًا ، تثيرها صورة لك شاعرنا الجميل الراحل تمرّ من أمامي صدفة ، أو لقاء رائع يجمعني بالدكتور الصّديق سمير الحاج ، فنروح في لُمامة نتذكّر ونتحسّر ونذرف دموع الشّوق والحنين.
ولعلّ مشاويري الكثيرة من أمام بوّابة بيتك الاثريّ الوسيع والجميل، هذه البوّابة تسرقني من ذاتي ومن حاضري وتعيدني- شئتُ أم أبيْتُ- نعم تعيدني الى تلك الوِقفة الجميلة والطويلة عند اقدامها ، فبعد ان ينتصف الليل او يكاد كنتَ تأبى إلّا أن ترافقنا الى تلك البوّابة الخارجية المطلّة على الشارع العامّ فنقف الدقائق الطويلة وكأن حديثنا لا يريد ان ينتهي ؛ لا يريد ان ينام فهو عصيّ على النُّعاس، فنعود من جديد كما نحل الرّوابي في الربيع نمتصّ من رحيق شذاك وزهراتك أطيب الشّهد وأحلاه.
سقى الله تلك الليالي وزرعها في موكب التاريخ زنابق لا تذبل !
سقى الله تلك الوِقفات الدافئة العابقة بأريج الادب الجميل والشعر المعسول.
شاعرنا الجميل جورج نجيب خليل – الباقي والذي لا يغيب - لروحك سلام
شاعرنا الجميل والذي تسرح روحه فوق عبلّيننا الجميل والمحبّ، وفوق هذا الصرح العلمي الجميل والذي لوّنه اسمك الحُلو ... لذكرياتك في قلوبنا وهج لا يخبو وعطر لا يتبخّر.