تواصل معنا عبر الفيسبوك ![]() | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
قراءة ادبية في :
كتاب بعنوان "الرملة ٤٠٠٠" وهي رواية قصيرة (نوفيلا)
من تأليف رانية فؤاد مرجية. بقلم الدكتور عادل جودة
عنوان الكتاب: الرملة ٤٠٠٠
نوع الكتاب: نوفيلا (رواية قصيرة)
اسم المؤلفة: رانية فؤاد مرجية
عدد الصفحات: 69 صفحة
الاهداء
إلى الرملة التي ولدت قبلنا جميعًا،
والتي ستبقى بعدنا جميعا،
إلى مدينة تحفظ الذاكرة فى حجارتها
وتخبى المستقبل في ترابها،
أهديك هذا الحلم الممتد حتى سنة ٤٠٠٠،
عله يكون جسرًا بين أنين الماضي وضياء الغد.
ما اجمله من اهداء
----------
قراءة أدبية في نوفيلا "الرملة ٤٠٠٠" لرانية فؤاد مرجية: استعادة الذاكرة من قبضة النسيان
بين يدَيْنا عمل أدبيٌّ مكثَّفٌ يحمل في طياته جرحاً لا يندمل وذاكرةً ترفض الانكسار.
"الرملة ٤٠٠٠" للكاتبة رانية فؤاد مرجية
ليست مجرد نوفيلا تتوزع على 69 صفحة واثني عشر فصلاً
بل هي رحلة استثنائية إلى عمق المأساة الفلسطينية محمولة على أجنحة السرد الأدبي الراقي
حيث تتحول الحكاية من مجرد سرد تاريخي إلى كونها استعادةً للوجود نفسه.
منذ العتبة الأولى
يلفتنا ذلك العنوان الغامض "الرملة ٤٠٠٠".
إنه ليس رقماً عادياً بل هو شيفرة لحلم متوارث وإحداثيات لوطن مفقود.
الرملة هنا لا تمثل مدينة فلسطينية فحسب
بل تتحول إلى رمزٍ للجذور المغتَصبة
والحلم المعاند.
والرقم ٤٠٠٠ يشي بذلك الحنين الرقمي
ربما لمساحة البيت أو لعدد الأمتار التي تفصل بين الحلم والحقيقة أو ببساطة،
هو الرقم السري للذاكرة الجماعية التي تنتقل من جيل إلى جيل.
تعمل مرجية...بمهارة الحكاءة والمشاعر المرهفة للشاعرة
على نسج عالمٍ تتداخل فيه الأزمنة والأمكنة.
إنها لا تروي حدثاً تاريخياً مجرداً
بل تغوص في أعماق الشخصيات لترسم ملامح
الوجع الإنساني على وجه اللاجئ.
الحكاية تتحرك بين الماضي والحاضر
بين الرملة الأصل والمنفى
في تقنية سردية تذكرنا بتدفق الوعي
حيث تختلط ذكريات الجدة بأحفادها الذين
لم يروا الرملة إلا في الأحلام.
اللغة هنا ليست وسيلة نقل فحسب
بل هي جوهر العمل الفني.
لغة مرجية شاعرية موحية
تلامس شغاف القلب دون أن تبتذل العاطفة.
إنها تستخدم التكرار كأنه ترنيمة حزن والاستفهام كأنه صرخة استنكار والوصف الدقيق ليجعل القارئ يرى الرملة بعين من فقدوها.
إنها لغة تحفر في الذاكرة كما تحفر في الوجدان.
الشخصيات في النوفيلا ليست كيانات منفصلة
بل هي أجزاء من نفس جريحة.
الجدة التي تحمل مفتاح البيت كأنه جزء من روحها والأحفاد الذين يحملون الحكاية كهمٍّ وروحه
يمثلون استمرارية الصمود رغم تشتت الجغرافيا. الصراع هنا ليس صراعاً تقليدياً بين الخير والشر
بل هو صراع الوجود ضد العدم،
والذاكرة ضد النسيان
والهوية ضد التشويه.
الرمزية تفيض من كل صفحة.
مفتاح البيت- شجرة الزيتون- رائحة الياسمين- صوت الأذان...
كلها رموز تشكل نسيجاً دلالياً غنياً يحيل إلى عالم مفقود لكنه حاضر بقوة في الوجدان.
حتى الرقم ٤٠٠٠ نفسه يتحول من كونه رقماً إلى كونه فضاءً دلالياً مفتوحاً على كل الاحتمالات.
في الختام...
"الرملة ٤٠٠٠" هي أكثر من عمل أدبي
إنها وثيقة إنسانية مقاومة
رانية فؤاد مرجية تقدم لنا
نموذجاً للأداء الرفيع الذي يتحول فيه الأدب من كونه تسلية جمالية إلى كونه فعلاً مقاوماً
وشهادة على الزمن واستعادة للوجود
من فم النسيان..
إنها تذكرنا أن القضية الفلسطينية قبل أن تكون قضية سياسية
هي قضية إنسان يحمل حكايته كأعظم سلاح
في وجه التهجير والنسيان.
هذه النوفيلا ليست مجرد حكاية عن الماضي
بل هي إضاءة على الحاضآ
وتطلُّع نحو مستقبل يظل فيه الأمل
كالمفتاح محفوظاً في مكان آمن
ينتظر لحظة العودة.
ينتظر لحظة العودة.
ينتظر لحظة العودة.
تحياتى واحترامي