X أغلق
X أغلق

تواصل معنا عبر الفيسبوك
حالة الطقس
عبلين 27º - 14º
طبريا 28º - 12º
النقب 30º - 10º
الناصرة 28º - 14º
القدس 27º - 5º
حيفا 27º - 14º
تل ابيب 26º - 12º
بئر السبع 30º - 12º
ايلات 32º - 12º
مواقع صديقة
اجتماعيات
اضف تعقيب
10/08/2024 - 12:57:25 pm
أَمْسَحُ دَمعَكَ بالياسمينِ - بقلم:إياد الحاج صديق العائلة الكريمة العزيزة

أَمْسَحُ دَمعَكَ بالياسمينِ

(إلى الباكينَ على قتلِ الزّهرةِ المتفتّحة: ميخائيل نصرات سمارة)

صديق العائلة الكريمة العزيزة

بقلم:إياد الحاج

      فركْتُ كَفَّيَّ بالعُطرةِ والحَبَقِ، وعطّرتُهما بالفُلِّ والياسمينِ، بكلِّ معاني الصّداقةِ والوفاءِ، بكلِّ تغلغلِ المحبّةِ في شراييني، من أيّامِ صبايَ الجامحةِ في نيسانَ، وحتّى انضباطِ خَطوي، بينَ أوراقيَ المتساقطةِ في تشرينَ، ثمّ فركتُها بأوراقِ الوردِ الجوريِّ الأحمرِ، حتّى سالَ العبيرُ بينَ أناملي كما سالتِ المودّةُ تدلُّ الغريبَ على طريقِ علاقتِنا الطّويل، لأكفكفَ دَمْعَ أحبّتي: نصراتِ الأصغرِ وزوجتِهِ الوفيّةِ يانكا، ناصرِ الأوسطِ وزوجتِهِ الأبيّةِ زاهيةَ، ووليمَ الأكبرِ وزوجتِهِ النّديّةِ نادرةَ، ولمياءَ الكُبرى الأختِ الصّابرةِ القويّةِ.

      يَحرقُنا لهيبُ هذا الصّيفِ، يَكوي قلوبَنا، ويُلقي بِجمرِهِ في نفوسِنا، حزيرانُ نَكسَتُنا، وتمّوزُ لوعتُنا، وآبُ ضربةُ شمسِنا، تَتوالى علينا المصائبُ، ويَتصاعدُ الألمُ حتّى فاجعةِ ميخائيلَ؛ لقد أثبتَ لنا الموتُ أنّهُ بلا عينينِ، ولا أذنينِ، ولا أنفٍ، ويفتقرُ لحاسّتَيِّ اللّمسِ والذّوقِ، فلو امتلكَ واحدةً منها، لَعَرَفَكَ يا ميخائيلُ وزاغَ عنْ طريقِكَ، ونأى بنفسِهِ عَنْكَ.

      يكفيني لهيبُ هذا القَيْظِ، يثقُبُ جمرُهُ قلبي، فيتساقطُ الجمرُ على كبدي، ولا يرحمُهُ، فلا تعذّبْني أيّها السّؤالُ، كُفَّ عَنْ لومي، واتركْني أحنو على جثمانِ ميخائيلَ، أقبّلُهُ، وأَروي وجنتيهِ بدمعِ حُبّي وانكساري وقهري وحزني، دعني أُرافقْهُ إلى المسرحِ، "أَصمدُهُ" عريسًا، في عُرسٍ يكثرُ فيهِ العويلُ والبكاءُ؛ ستنامُ هنا يا ميخائيلُ إلى الأبدِ، وسأبقى أفتقدُكَ عريسًا إلى أبدِ الآبدينَ.

      حُزني عليكَ بقدرِ حُلمي بِكَ، وحلمي بِكَ كبيرٌ يا ميخائيلُ، زينةُ حياتي، وفرحُ قلبي، وسرُّ سعادتي، كنتُ أبتسمُ في كلِّ معاركِ الحياةِ؛ لأنَّ حُلمَكَ كانَ النّورَ في نهايةِ النّفقِ، كانَ أملي بانبلاجِ الفجرِ من رحمِ العتمِ، كانَ حُلمُكَ فرحيَ الخفيَّ يُثلجُ صدري مهما اشتدَّ لهيبُ آبَ، فكيفُ أحتملُ النّارَ المشتعلةَ فيَّ بلا حُلمٍ يا ميخائيلُ، مَنْ يُنقذُني مِنْ حُزني ومِنْ أَلمَي يا ميخائيل؟!

      أَحيطوا بي أيّها الأحبّةُ، اسندوني، لأمشيَ معكم إلى المقبرةِ الموحشةِ الصّامتةِ الخرساءِ الصّمّاءِ العمياءِ، آنسوني يا أحبّة، احضنوني، وخلّصوني من احتضانِ ميخائيلَ، كيفَ أُفارقُهُ يا أحبّةُ، كيفَ؟! ذكّروني بنفسي وبزوجتي يانكا، لا تدعوني أغفلُ عن باقي أبنائي: جورج وجوني؛ فقد ذهبَ الكثيرُ الكثيرُ بغيابِ ميخائيلَ، ولكنْ بقيَ أكثرُ، وجودُكُم حولي يُنيرُ عتمةَ وَحشتي، ويُطفئُ لهيبَ النّارِ في أحشائي.  

      لقد قتلتِ الحربُ ميخائيلَ دونَ أنْ يشاركَ فيها، وحالُهُ كحالِ الكثيرينَ مثلِهِ، وتستمرُّ آلتُها بسحقِ الأبرياءِ، ونصراتُ يقولُ: أوقفوا الحربَ! كفى سفكًا للدّماءِ! فهلْ هناكَ مَنْ يسمعُ صوتَ الضّحايا، وقد بلغوا الآلافَ؟! أيُّها المتوحّشونَ، يا آكلي قلبَ ميخائيلَ وحارقي قلبي هلْ تَسمعونَ صُراخي، يا مجانينَ المصالحِ ألمْ تَروِكم دموعُ الثّكالى والثّواكلِ، والأيتامِ والأراملِ؟!

      سأتابع مسيرتي الّتي بدأتُها منذُ نعومةِ أظفاري، مسيرتي في الحياةِ الحرّةِ الكريمةِ العادلةِ، مسيرتي من أجلِ السّلامِ، بعدَ أنْ أُحقّقَ سلاميَ الدّاخليَّ، أحتاجُ أنْ أُكرِّمَ ميخائلَ بما يليقُ بالدّكتورِ العريسِ، وبعدَ الجنازةِ ومواساةِ الأحبّةِ سأزرعُ بعضَ الحَبَقِ والعُطرةِ بجوارِ قبرِهِ، وسأُزيّنُ المكانَ ببعضِ الفُلِّ والياسمينِ، ولن أنسى الوردَ الجوريَّ الأحمرَ؛ لكي أفركَ كفّيَّ جيّدًا وأعطّرهُما لأكفكفَ دموعَ المحزونينَ المفجوعينَ من أمثالي.  

10/8/2024




Copyright © elgzal.com 2011-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع الغزال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت