تواصل معنا عبر الفيسبوك
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
بنيامين حيدر يكتب من الأندلس
ومن الأندلس التي تشهد حضورك، أكتب إليك يا درويش،
من شرفات الحمراء التي ما زالت تحفظ في جدرانها صدى القصائد،
ومن أزقة قرطبة التي تعلّمت الحرف من مدادك،
ومن أنهار إشبيلية التي جرت بماء الحنين كما جرى شعرك في دمائنا.
أكتب إليك من حجارةٍ تعبت من الانتظار،
ومن أبوابٍ ما زالت تفتح على غيابنا،
ومن مآذن صامتة إلا من أذان القلب.
هنا، يا درويش، كل شيء يذكّر بك،
حتى الهواء يمرّ على شكل بيتٍ شعري،
وحتى الغيم يحطّ على كتف المدينة مثل كتابك المفتوح على الأبد.
ولو كنت هنا، لقلت لنا:
"لا تموتوا قبل أن تستعيدوا المعنى،
ولا تغادروا الأرض قبل أن تعودوا إليها."
حين مشيتُ في أزقّتك القديمة، كأنّي أمشي على صدر الزمان،
كأنّ الحجارة تحفظ دعاء الأندلسيين، وتنزف في صمتها حنينًا.
في كل زاوية ظلّت رائحة العود تعبق،
وفي كل قوس، حكاية عشقٍ لم تكتمل،
وفي كل نافذة، أمٌّ تنتظر ولدًا لم يعُد.
غرناطة يا وجعًا ينام في القصائد،
ويا طيفًا نرسمه في خيالنا، كلّما ضاق بنا الحنين.
كم مسجدٍ اضحى مهجورا
، وكم اسمٍ تغيّر،
لكنّ الأرواح ظلّت تحفظ نغم الأذان،
وتتلو الفاتحة على قبور الغائبين.
هل تسمعين؟
هذا أنيني، يختلط بصوت نزار، ودمعة كاظم،
ويبكيان معًا على شرفة الحمراء،
مجدًا كان... وضاع.

