تواصل معنا عبر الفيسبوك
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
قِصَّة أَلطِّفله بُدور بقلم : أسماء طنوس المكر
كانتِ الطـّفلةُ بـُدور تعيشُ بسعادةٍ في ظِلِّ والِدَيْها تـَشعُرُ بالمحبةِ والحنان ِ والعطفِ . سعيدةً مُطـْمَئِنـَّة لا ينقـُصُها شَيءٌ . إِلى أن جاءَ يومٌ ونـَشبَ الخلافُ بينَ الوالدين ِ , أدّى إِلى تعكيرِ الجَوِّ وسوءِ التـّفاهُمِ , مِمـّا أَوْصَلَ بِهـِما إِلى الطـَّلاق ِ . ومِن هُنا بدأَ مِشوارُ حياةِ بُدور يَسوءُ . فقـَد فقدَتِ الحنانَ والعطفَ الذي رَضَعَتـْهُ من صَدرِ أُمـِّها . وازدادَ الحالُ سوءاً عندما تزوَّجَ والدُها مِن امرأةٍ أُخرى , التي أَنجبَتْ لهُ فيما بعد بنتاً أَسْمَتـْها حُسُن . وَبَدأت بُدور تشعُرُ بالحُزنِ والأسَى والكراهيةَ من خالتِها التي كانت تـُمَيـِّزُ إِبنتـَها عنها عن طريقِ ِ معاملتِها السَّيِّئه , حَتـّى لم تعُد قادِرةً على الاحتمال ِ . فدَخلتْ غُرفتـَها وجَلـَستْ على الأرض ِ تـَبكي وتـَذرِفُ الدّموعَ, وتـَلومُ أَباها وأُمَّها وهي تقول :لماذا يا أبي طَلـَّقـْتَ أُمي وتركتـَني وحيدة حزينة !؟ أَلـَم تعرِف أَنكَ ظلمتـَني وَظـَلـَمْتَ أمي!؟ وأصبحَتْ حياتي جَحيماً . وأنتِ يا أُمِّي لماذا أَنجَبتيني وتركتيني لِوحدي! أنا بحاجةٍ إِليكِ. أنتِ الحنانُ والعطفُ والدِّفءُ, أنتِ الحِضـْنُ الذي أنامُ فيهِ, وأنتِ الصـّدرُ الـّذي أَحني رأسي عليهِ . لقد فقـَدْتُ البَسْمةَ َ والفرحةَ َ , وأعيشُ في الذُّلِّ والعَذابِ والقَهرِ .
يا ربي أعطيني حَلاً لمشكلتي. لن أَسْتـَطيعَ التـَّحَمُّلَِ بَعْد . لا أقدِرُ أنْ اعيشَ مع خالتي التي تـُحِبُّ ابنَتها أكثرَ مِنـّي , وتحرمُني من كـُلِّ شَيءٍ . ثـُمَّ تِّقومُ فَتـُنادي عليها خالتـُها لِتتغَذّى . وبعد أن تناولتِ الخالةُ وابنتـُها حُسُن وبُدور طعامَ الغذاءِ , قالت الخالة لِبُدور : امسحي الطاولةَ وكـَنـِّسي الأرضَ , وكانَ كلامُها بشكل ِ أوامِر . وقالت لابنتها حُسُن : خُذي يـَمّا يا حُسُن لـُعبتـَكِ والعبي فيها , بينما بُدور تنظرُ إليها والدُّموعُ في عَينـَيْها . ثمَّ أَخرَجَت الخالةُ من الكيسِ فـُستانًا وقالت لأبنتها : تعالـَي يا قلبي , إِلـْبَسي هذا الفستانَ الجديدَ حتى أرى مقياسَهُ عليكِ , وقد اشتـَريتـُهُ لكِ هديةً ً لعيدِ ميلادِكِ الذي سَيُصادِفُ غدًا . والطفلةُ بُدورُ تنظرُ بحُزنٍ وتزدادُ حَسْرَةً وحُزناً .
وفي اليوم الثّاني جاءَ عيدُ ميلادِ الطفلة حُسُن , وكانت الطّاولةُ مُجَهَّزةً , وعلَيها مزهرِيَّةٌ فيها باقةُ الزُّهورِ الْجميلةِ , الشُّموعُ والْكعكةُ الْجميلةُ الْمكتوبُ عليها اسمُ حُسُن وعيدُ ميلادٍ سعيد. تـَجمّع أفرادُ الْأُسرةِ الْأبُ والْخالة ُ وابنتـُها حُسُن والطِّفلة ُ بُدور , وطلبتِ الأمُّ من ابنتِها إِضاءَةَ الشُّموع ِ (سِتُّ شَمعاتٍ) . وبَدءا يُغَنـّيان ِ لها " هابي بيرْث دي تو يو , هابي بيرث دي تو حُسُن " . والأبُ وهوَ يُغَنـّي كانت عيناهُ على ابنتِهِ بُدور الّتي رَفـَضـَتِ الغِناءَ , ونـَكَّـسَتْ رَأْسَها إلى الْأرض ِ . ثـُم أَطفأتْ حُسُن الشـُّموعَ . وأمْسَكـَتْ السِّكينَِ لِتـُقـَطـِّعَ الْكعكةَ َ بمُساعَدةِ أُمِّها . ثـُمَّ وَضـَعَتْ كـُلَّ قِطعةٍ في صَحْن ٍ . وقـَدَّمَتْ لأبيها ثـُمَّ للطِّفلةِ بُدور الَّتي رَفـَضـَتْ أن تأكلَ الْكعكةَ َ لأنَّها شـَعَرَت بالتَّـمييزِ وعَدَم ِ اهْتمام ِ بها . وهَيَ ترى ما فعلا لِحُسُن , وهِيَ تنظُـرُ إِلَيها بأَلَم ٍ وهِيَ لابسة ٌ الْفستانَ الْجديدَ وعلى رأسِها التّاجُ الْمُزَخـْرَفُ الْجميلُ . وهُما يُعايـِدانِها : مبروك الْعيدِ والْعاقِبَةُ يا ربّ للْمِئـَةِ وَالْعشرينَ سنَة . وبَعدَها تـَدْخـُل بُدورُ غرفَـتـَها , تركـَعُ على الأرضِ وتَبكي وتَقولُ : يا رب خَلـَِّصْني مِن خالتي , لا أستطيعُ الْعَيْشَ مَعَها بَعدَ الْيوم ِ , تـُعامِلُـني مِثْـلَ الْخَدّامةِ , وكُـلُّ شُغْـل ِ الْبَيتِ مَطلوبٌ مِنـّي ،ْ وتـُحِبُّ ابنتَـها أكثَـرَ مِنّـي , وتَشتَري لَها الْفَساتينَ وتـَعملُ لَها أعيادَ ميلاد , وأنا لا أحَدَ يَذكـُرُني وكَـأنّي غَيْرُ مَوْجودٍةٍ . حَتّى أبي أصبحَ يُحبُّها أكثرَ مِنـّي . لِمَن أَشكي ! يا رَب ارْحَمني وساعِدني .
فَتَسمعُ خالتُـها منَ الْمَطبخ ِ صَوْتَها وتخرُجُ فَتَراها راكعَة ً وتَبكي . فَتَصرُخً بِها : ما بـِكِ يا بـِنتْ !؟ ماذا أصابَكِ! ولِماذا تَبكينَ؟ ماذا ينقـُصُكِ؟ يَكفي أنَّكِ تَعيشينَ عِندَنا , تأكلينَ وتشربينَ , وإلّا كُـنتِ في الشَّـوارِعِ مَرْمِيَّة ً لا يوجدُ مَن يَرعاكِ. وَاللّا يُمكِنُ غِرْتِ من بِنتي حُسُن ومِن عيدِها؟
وإِذا بِالْأبِ يسمعُ الْكلامَ ِ ويَقفُ بِزاويةٍ خَـفِيَّةٍ ويَسمَعُ كُـلَّ الْكلام ِ لِلْآخِر . وإذا بِالْخالةِ تـُهَدِّدُها وتقولُ لَها إذا لم تـُعجبُكِ هذِه الْعيشةِ أَريني عَرْضَ أكتافِكِ واللّـهُ يسَّهِلُ عَليكِ , إِلْحَقي أُمَّكِ ورَيِّحينا مِنكِ. خَلـّي بنتي تأْخـُذُ عِزَّها . يدخـُلُ الْأبُ ويقفُ في الوَسَطِ مُتـَعَجِّبًا وهُوَ ينظُرُ إلى زَوجتهِ
بِلَـوْم ٍ ٍقائِلاً : أنا سَمِعْتُ كُـلَّ الْكَلام ِ , لَم أكـُنْ أَعرفُ كَـيْفَ كُـنتِ تُـعاملينَ ابنَتي بُدور بهذِهِ الْمُعامَلةِ السَّيئَـة . ولِهذا السَّببِ كـُنتُ أرى بُدورَ حَزينة ً دائمًا وخاصة ً في عيدِ ميلادِ حُسُن. لم تُـشـْعِريها بِالْمَحبَّةِ أبدًا , وكانَت تتجَرَّعُ السُّمَّ , وتشعُرُ بِالذُّلِّ بِسَببِكِ . يَجِبُ أن تَعلَمي أنَّ بُدورَ إِبْنتي وأنا أبوها , وهِيَ جُزْءٌ مِنـّي ومِن قلبي وأنا أحْبَبتـُها قَبلَما أحببتـُكُم , ولَها الْحَقُّ بِالْعَيْش ِ مَعَنا وان تَحْظى بِالْحنان ِ والْعََطفِ . ثـُمَّ يأخُذُ ابنتَهُ بُدورَ في الْأحْضان ِ ويُقـَبّلـُها ويطْـلُـبُ مِنْها السّماحَ لأنّهُ أخْطأَ تِجاهَها وتِجاهَ أُمِّها الْمُطلَّقَه. وقال : لم أكـُن أعرفُ أهَميةَ َ الأُْمّ ِ لأوْلادِها. سامِحيني يا ابنَتي وأَعِدُكِ أنَّـني سَأُعَوِّضُ لكِ كُـلََّ الْحنان ِ الَّذي فَقَدتيهِ وسَأشتَري لكِ أحْلى فُستان ٍوأجملَ تاج ٍ , وسأعملُ لَـكِ أحلى عيدِ ميلادٍ, وسَأدْعو كُـلَّ الْأطفال ِ لٍلْحَفلةِ . ثـُمَّ يُوَجـِّهُ الْكلامَ لأُمِّ حُسُن لِتـَهْديدِها وتَصليحِ ِ سُلوكِها قائلاً لها : مِنْ هذا الْيَوْم ِ إعْتبَِري بُدورَ ابنتَكِ , وإِيّاكِ أن تُـفـَرِّقي بَيْنَها وبينَ ابنتِكِ حُسُن , وإلّا سُيُصيبُكِ ما أصابَ زَْوجتي السّابقـَة , هَلْ تفهمين ؟ فتقترِبُ أمُّ حُسُن وتعتـَذِرُ للطِّـفلةِ بُدور وتطلُـبُ مِنـْها السَّماحَ قائِلَةً: سامِحيني يا حَبيبتي , فَأنتِ مِن الْيَومَِ ابنَتي وأَنا أُمُّكِ , وسَأسْمعُ مِنكِ كَلمَةَ َ ماما عندَما تـُنادينَـني , وسَأُُعََوِّضُ لكِ كُـلَّ خـَسارةٍ َأغمُرُكِ بِالْعَطفِ وَالْحنان ِ , فأنتِ وحُسُن سَتكونان أُختَـَيْنِ سعيدَتـَيْنِ . الواحَِدةُ مثلَ الأُخرى, لا فَرْقَ بينكما في الْمُعامَلةِ أو الْمُشتَرَياتِ. وسَنَحتفلُ بِكُـما في كُـلِّ سَنَةٍ في عيدِ ميلادِ كُـل ٍٍّ مِنكُما .
