تواصل معنا عبر الفيسبوك | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الإعلام الإسرائيلي: نهجٌ محرّض وغياب إستراتيجية مواجهته
بات التحريض على الفلسطيني في وسائل الإعلام الإسرائيلية مسلّمة لا يُقلق قريرة أي منا، ولا يدفعنا إلى وضع إستراتيجية واضحة لمواجهة هذا الخطاب ومجابهته، إذ أصبح جزءًا لا يتجزأ من واقعنا. يستخدم بعض السياسيين والصحافيين الإسرائيليين المنصات الإعلامية والسياسية، والمنصات المُتاحة كشبكات التواصل الاجتماعي، لدفع أجنداتهم اليمينية والعنصرية تجاه الفلسطينيين، وصقل الرأي العام وفقا لهذا الخطاب المرفوض والمنبوذ.
يكشف التقرير الكمي، الذي أعدّه إعلام – المركز العربي للحريات الإعلامية والتنمية والبحوث، مدى تفشي الخطاب التحريضي والعنصريّ في الإعلام الإسرائيلي، كما يُعطي تشخيصا لنسبة التحريض لدى كل وسيلة إعلامية، والجهات الفلسطينية الأكثر استهدافا، ونوعية التحريض المُستخدمة. ويتطرّق التقرير إلى الفترة الزمنية الواقعة ما بين شهري كانون الثاني/ يناير من العام الجاري حتى حزيران/ يونيو الأخير، وقد تم رصد 452 حالة تحريض وعنصرية تجاه الفلسطينيين، في الداخل، والضفة الغربية وفي قطاع غزة.
يتبين من النتائج أنّ المنصة الأكثر تحريضا على الفلسطينيين هي شبكة التواصل الإجتماعيى "فيسبوك" بنسبة 31%، وذلك لمناليّتها وفقدان الرقابة على المضامين المنشورة، تليها صحيفة "يسرائيل هيوم" بنسبة تحريض 13%، فصحيفة "معاريف" 8%، وكل من صحيفة "يديعوت أحرونوت" وشبكة "تويتر" بنسبة 7%. أما بالنسبة للشرائح الفلسطينية الأكثر استهدافا، يتبيّن أن المجتمع الفلسطيني كشريحة واحدة هو الأكثر استهدافا وتحريضا في الإعلام الإسرائيلي بنسبة 25% من الحالات، تليه السلطة الفلسطينية بنسبة 22%، ثمّ القيادة السياسية في الداخل بنسبة 16%، وفلسطينيو الضفة الغربية بنسبة 12%.
وتطرّق تقرير الرصد، أيضًا، إلى نوعيات الخطاب التحريضيّ المختلفة والمستعملة في سياق المجتمع الفلسطيني، ويتبيّن أن الخطاب الأكثر شيوعا واستعمالا هو خطاب نزع الشرعية عن المجتمع الفلسطيني بنسبة 74%، خصوصًا في سياق شرعية وجوده على أرض فلسطين وحقّه في تقرير المصير، يليه خطاب العنصرية على خلفية دينية أو ثقافية بنسبة 64%. أما الشيطنة والتعميم فقد استعملتا بنسبة 55%، الفوقية العرقية بنسبة 43%، وشرعنة العقوبات الجماعية واستخدام القوة بنسبة 14%. بالإضافة إلى أنواع التحريض، يميل العديد من الصحافيين الإسرائيليين إلى تصوير الاحتلال والمجتمع الإسرائيلي بدور الضحية في واقع الصراع الموجود، وقد تمّ استعمال هذا الخطاب بنسبة 28% من الحالات. جدير بالذكر أن غالبية المقالات تحتوي على أكثر من نوع تحريضِ واحدِ في نفس المقال.
هذه النتائج لا تتغير بحسب المستجدات الأمنيّة والتطورات السياسية، إنّما هي سياسة ممنهجّة وموجّهة ضد المجتمع الفلسطيني أينما كان وفي كل ظرف، على الرغم من أنّ هنالك تفاوتًا في حدّتها. يتبيّن من نتائج الرصد لفترة زمنية أكثر شمولية وتعمّقا (من تمّوز/ يوليو 2017 حتى تمّوز/ يوليو 2019) أنّ شبكات التواصل الاجتماعي هي، حقًا، المنصة الأكثر خطرا على الفلسطيني، فنسبة التحريض على شبكة "فيسبوك" هي 26% تليها شبكة "تويتر"، وبفارق كبير، بنسبة 10%. أمّا بالنسبة للصحف والقنوات الإخبارية، احتلّت كل من "يديعوت أحرونوت" و"معاريف" رأس القائمة بنسبة تحريض 9%، تليهما كل من صحيفة "يسرائيل هيوم" وقناة 20 اليمينية بنسبة 8%، وكلّ من "يتيد نئمان" و"هموديع" الدينيتين بنسبة 7% و5%، على التوالي. أما بالنسبة لشرائح المجتمع الفلسطيني المستهدفة، يتبيّن أنّ السلطة الفلسطينية والمجتمع الفلسطيني كشريحة واحدة هي أكثر الجهات استهدافا بنسبة 20% و19%، على التوالي، يليهما الرئيس الفلسطيني بنسبة 15%، والقيادة الفلسطينية السياسية في الداخل الفلسطيني بنسبة 14%، أما فلسطينيو الداخل فقد تمّ التحريض عليهم بنسبة 10% من الحالات.
جميعنا يعلم أنّ الخطاب الإسرائيلي المهيمن لا يخلو من التحريض والعنصرية في الميادين المختلفة مثل البرلمان، ووسائل الإعلام، وغيرها من وسائل تواصل حياتيّة أخرى. يتحول هذا الخطاب لأكثر شراسة مع مرور الوقت، مقارنة بحقبة سنوات سابقة كسنوات التسعينيات من القرن الماضي، على سبيل المثال لا الحصر، وهو نتاج توظيف سياسي من قبل الأحزاب اليمينية لتحديد روح الشارع ونوعية الخطاب الشعبي المقبول. سياسة إسرائيل الانتقائية والتمييزية والقمعية معروفة منذ قيامها، ولكن، ما يميّز السنوات الأخيرة عمّا قبلها، هو قوننة تلك السياسات وفرضها على أرض الواقع بشكل علنيّ وتحويلها إلى طابو لا يُسمح المساس بها. دليلٌ على ذلك هو "قانون القوميّة"، إذ معروف منذ قيام الدولة أنّ المواطنين الفلسطينيين هم من الدرجة الثانية، ولكن، ما فعله القانون هو قوننة هذه السياسة الانتقائية وإدراجها تحت قوانين الأساس للدولة. أمثلة أخرى على ذلك؛ هيمنة الخطاب اليميني المتطرّف على الساحة السياسية مثل ضم الضفة الغربية وفرض النفوذ الإسرائيلي عليها؛ الخطاب ذات طابع فوقي عرقي تجاه الفلسطينيين، تجلّى بأبهى صوره في تغريدة وزير المواصلات اليميني، بتسلئيل سموتريتش، على شبكة تويتر، حيث ادعى "يد من حديد لكل من يهاجم جنودنا ورجال شرطتنا. ولكن، نعم يهمني إذا كان المهاجم عربيا أو يهوديًا. لا مقارنة بين الأخ والعدو. من جهة، إذا كانوا يهودا فهذا يؤلمني أكثر. من جهة أخرى، أتدبّر أمر أخوتي بشكل مغاير حتى ولو كانوا مجرمين".
حان الوقت لأن نستفيق من السبات ونذوّت المعرفة ونترجمها إلى نضال على أرض الواقع، إن كان من على المنابر الدولية أو المحلية. حان الوقت لأن تتكاتف جميع التيارات السياسية، باختلافها، لصقل خطاب سياسي واحد يستقطب من خلاله جميع الطاقات المكمونة لدينا والتي شرذمها وبدّدها ضياع البوصلة الوطنية. حان الوقت لأن نضع إستراتيجية عمل ونضال واضحة تهدف إلى تغيير الواقع، فالتغيير ليس وليد اللحظة إنّما ثمرة نضال طويل ذي إستراتيجية وتوظيفٍ صحيحٍ للطاقات الموجودة.